يا طـالـب المـجــد فـي عجــور مــورده =عـــذب مـعـيــن يـروّي غــلــة فـيـنـــــا=شــــم الأنــــــوف أبــاة دام عـــزهــــــم =هـــم الأوائــل إن نــادى مـنــاديــــــنــــا=تـفـوح يـا بـاقـة الأزهـــار فـي وطـنــي =فــوح الأريـــج ونـفـح الطيــب يغـريـنـا كلمة الإدارة


مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور       »     عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية       »     سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م       »     عجور التاريخ و الحضارة       »     ميزانية قرية عجور - 1939       »     عجور - وقوعات الزواج 1915م       »     عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل       »     اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م       »     أراضي عجور المشاع - حصري       »     اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1       »     ضريبة الانتداب البريطاني "3"       »     عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور)       »     أراضي عجور الحكر       »     عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة       »     علم النفس الاجتماعي       »     ملوك المملكة الاردنية الهاشمية       »     موسوعة صور القدس- زهرة المدائن       »     دليل الجامعات العربية و العالمية       »     روائع الشعر العالمي       »     موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة       »    

آخر 25 مشاركات
ملف عن الحج وما يتعلق به (الكاتـب : نور الهدى - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          كبرت بنتــي / قصة مؤثرة (الكاتـب : أمان - آخر مشاركة : قلم حزين - )           »          مبارك .........مبارك لعجور ومنتديات عجور (الكاتـب : م .نبيل زبن - آخر مشاركة : نور الهدى - )           »          عجور التاريخ و الحضارة - الحلقة الثانية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          سجل الوفيات لعجور ١٣٢٠هـ -١٣٣٠هـ ١٩٠٢م - ١٩١١م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ميزانية قرية عجور - 1939 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - وقوعات الزواج 1915م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عهد عشائر عجور بالحفاظ على اراضي عجور المشاع و عدم بيعها لل (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اول أحصاء(حصر نفوس) موثق لسكان عجور1878م (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور المشاع - حصري (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          اسماء من عجور مطلوبون للضريبة 1 (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضريبة الانتداب البريطاني "3" (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور - لجنة 18 ( اللجنة القومية لعجور) (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          أراضي عجور الحكر (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          عجور التاريخ و الحضارة-الحلقة الثالثة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          كيف و متى تحدثين طفلك عن التحرش ؟ (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          قصص اطفال للبنوتات الحلوين (الكاتـب : اميرة عجور - آخر مشاركة : م .نبيل زبن - )           »          علم النفس الاجتماعي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ملوك المملكة الاردنية الهاشمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة صور القدس- زهرة المدائن (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          دليل الجامعات العربية و العالمية (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          روائع الشعر العالمي (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          موسوعة الاصول و القبائل العربية كاملة (الكاتـب : م .نبيل زبن - )           »          ضيف اليوم بصراحة (الكاتـب : Big heart - آخر مشاركة : ajoor - )


العودة   منتديات عجور - بيت كل العرب > الاقسام العامة > المنتدى الثقافي
المنتدى الثقافي الشعر واحة من واحات الأدب فلنستظل بها من شمس الحياة القاسية
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-08-2012, 09:36 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


ويقوم الملك مع خصومه حتى يجثو بين يدي الموبذ فيقول له: أيها الموبذ، إنه ما من ذنبٍ أعظم عند الله من ذنب الملوك! وإنما خولها الله تعالى رعاياها لتدفع عنها الظلم، وتذب عنه بيضة الملك جور الجائرين، وظلم الظالمين. فإذا كانت هي الظالمة الجائرة، فحق لمن دونها هدم بيوت النيران، وسلب ما في النواويس من الأكفان. ومجلسي هذا منك، وأنا عبد ذليل، يشبه مجلسك من الله غداً، فإن آثرت الله آثرك، وإن آثرت الملك عذبك.
فيقول له الموبذ: إن الله إذا أراد سعادة عباده، اختار لهم خير أهل أرضه. فإذا أراد أن يعرفهم قدره عنده، أجرى على لسانه ما أجرى على لسانك.
ثم ينظر في أمره، وأمر خصمه بالحق والعدل. فإن صح على الملك شيء، أخذه به، وإلا حبس من ادعى عليه باطلاً، ونكل به، ونودي عليه: هذا جزاء من أراد شين الملك، وقدح في المملكة.
فإذا فرغ الملك من مظالمه في نفسه، قام فحمد الله ومجده طويلاً، ثم وضع التاج على رأسه، وجلس على سرير الملك، والتفت إلى قرابته وحامته وخاصته، وقال: إني لم أبدأ بنفسي فأنصف منها إلا لئلا يطمع طامع في حيفي. فمن كان قبله حق، فليخرج إلى خصمه منه، إما بصلحٍ وإما بغيره.
فكان أقرب الناس إلى الملك في الحق كأبعدهم، وأقواهم كأضعفهم.
فلم يزل الناس على هذا في عهد أردشير بن بابك ثم هلم جراً، حتى ملكهم يزدجرد الأثيم، وهو النحس البارتكر. فغير سنن آل ساسان، وعاث في الإرض، وظلم الرعايا، وأظهر الجبرية والفساد، وقال: ليس للرعية أن تنتصب من الراعي، ولا للسوقة أن تتظلم من الملوك، ولا للوضيع أن يساوي الرفيع في حق ولا باطل.
عقوبة الملك الظالم
فذكرت الأعاجم في كتبها وسير ملوكها أنه بينا هو قاعد في الإيوان، والناس على طبقاتهم ومراتبهم، إذ دخل من باب الإيوان فرس مسرج ملجم، لم ير قط شيء أحسن منه منظراً، ولا أكمل أداةً. فأهوى نحو يزدجرد الأثيم. فقامت إليه الاساورة لتدفعه عنه، فجعل لا يدنو منه أحد إلا رمحه فأرداه، وهو في خلال ذلك يقصد إلى الملك، فقام إليه يزدجرد، وقال للأساورة: دعوه، فإنه إلي يقصد.
فدنا منه حتى أخذ بمعرفته، فذل له الفرس، وتطامن حتى ركبه. فلما جال في متنه، خطا به خطىً، ثم رده إلى قرار مجلسه، فنزل عنه، وجعل يمسحه بيده، مقبلاً ومدبراً. حتى إذا وجد الفرس منه ممكناً وغفلةً، رمحه فأصاب حبة قلبه، فقتله. فقالت الفرس: هذا ملك من الملائكة، جعله الله في صورة فرس، فبعثه لقتل يزدجرد، لما ظلم الرعية، وعاث في الأرض.
وكان بهرام جور بن يزدجرد في حجر النعمان بن المنذر، ملك الحيرة، وضعه أبوه عنده ليتأدب بآداب العرب، ويعرف أيامها وأخبارها ولغاتها فبلغه خبر أبيه، وأن الفرس ملكت عليها رجلاً ليس من أبناء ملوكها. فاستنهض النعمان بن المنذر واستنجده، وقال: إن لي عليك حقاً، إذ كنت أحد أولادك. وإن أبي قد مات، وملكت الفرس رجلاً من غير بيت الملك. فإن أنت خذلتني، ذهب ملك آل ساسان. فقال له النعمان: ما أ وآل ساسان، وهم الملوك وأنا رعية؟ ولكني أخرج معك في جيشي لتقوى نيتك، وتصح عزمتك. ثم أنت أولى بقومك، وهم أولى بك. قال: فهذا أريد.
فخرج النعمان مع بهرام حتى صار بالمداين، وبلغ الفرس قدومهما، فخرجوا إلى بهرام، فقالوا: ما تريد؟ فقال: ملك أبي وإرث آل ساسان.
قالوا: إن أباك سامنا العذاب أيام مدته، فانفرد الله بقتله. فلا حاجة لنا في أحدٍ من عقبه.
فقال بهرام: إن جور أبي وظلمه لا يلزمني لائمةً، ولا يكسبني ذماً. وأنتم لم تخبروني، فيجب علي حمد أو ذم.
قالوا: فإنا قد أقمنا رجلاً نرضاه.
فقال: إن هذا فساد في صلب الملكة أن تملكوا من ليس من أهلها. فإذا فعلتم، فامتحنوني وهذا الرجل محنةً توجب المملكة.
قالوا: وما هي؟ قال: تعمدون إلى أسدين ضاريين فتجمعونهما في موضعٍ واحدٍ، وتضعون تاج المملكة بينهما، وتقولون لهذا الذي ملكتموه أمركم يأخذ من بينهما، فإن فعل فهو أحق بالملك وأولى. وإن أبى أن يفعل، وفعلت أنا ذلك، كنت أحق بالملك منه.
قالوا: نعرض عليه هذا.
فقالوا ذلك له، فقال: ما أقدر على هذا، ولكن قولوا له فليفعل. فإن أخذ التاج من بين الأسدين، فهو أحق بالملك وأولى.
فأخذوا التاج، وعمدوا إلى أسدين فأجاعوهما، ثم وضعوا التاج بينهما، وقالوا لبهرام: شأنك!.







رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:36 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


فنزل بهرام عن فرسه، وأخذ الطبرزين ومضى نحوهما. ثم بدا له، فجعل الطبرزين في منطقته؛ ودنا من الأسدين، فأهويا نحوه، فأخذ برأس أحدهما فأدناه من رأس الآخر ثم نطحه به حتى قتلهما جميعاً. وشد على التاج، فأخذه من موضعه، فجعله على رأسه.
فملكته الفرس أمرهم، وانصرف النعمان إلى الحيرة، وسار بهرام سيرةً حسنةً، وعدل فيهم، حتى كان أحب إليهم من جميع ملوك آل ساسان.
إلا أن اللهو واللعب كان أغلب أحواله عليه.
استقصاء أحوال الرعية
ومن أخلاق الملك السعيد البحث عن سرائر خاصته وحامته، وإذكاء العيون عليهم خاصةً، وعلى الرعية عامة.
وإنما سمي الملك راعياً، ليفحص عن دقائق أمور الرعية وخفي نياتهم. ومتى غفل الملك عن فحص أسرار رعيته، والبحث عن أخبارها، فليس له من اسم الراعي إلا رسمه، ومن الملك إلا ذكره.
فأما الملك السعيد، فمن أخلاقه البحث عن كل خفي ودفين حتى يعرفه معرفة نفسه عند نفسه، وأن لا يكون شيء أهم ولا أكبر في سياسته ونظام ملكه من الفحص عما قدمنا ذكره.
ولم ير ملك قط كان أعجب في هذا الأمر من أردشير بن بابك. ويقال إنه كان يصبح فيعلم كل شيء بات عليه من كان في قصبه دار مملكته من خيرٍ أو شر، ويمسي فيعلم كل شيءٍ أصبحوا عليه. فكان متى شاء قال لأرفعهم وأوضعهم: كان عندك في هذه الليلة كيت وكيت.
ثم يحدثه بكل ما كان فيه إلى أن أصبح.
فقال إن بعضهم كان يقول إنه كان يأتيه ملك من السماء، فيخبره. وما كان ذلك إلا لتيقظه وكثرة تعهده لأمور رعيته.
ثم كان فيمن نأى من أهل مملكته على مثل هذه الحال.
فيقال إن الأمم كلها، أولها وآخرها، وقديمها وحديثها، لم تخف أحداً من ملوكها، خوفها أردشير بن بابك من ملوك الأعاجم، ومن كان قبلهم، وعمر بن الخطاب من خلفاء الإسلام.
فإن عمر كان علمه بمن نأى عنه من عماله ورعيته كعلمه بمن بات معه في مهادٍ واحدٍ، وعلى وسادٍ واحد. فلم يكن له في قطر من الأقطار، ولا ناحية من النواحي عامل ولا أمير جيشٍ إلا وعليه له عين لا يفارقه ما وجده. فكانت ألفاظ من بالمشرق والمغرب عنده في كل ممسً ومصبح.
وأنت ترى ذلك في كتبه إلى عماله وعمالهم، حتى كان العامل منهم ليتهم أقرب الخلق إليه، وأخصهم به. فساس الرعية سياسة أردشير بن بابك في الفحص عن أسرارها خاصةً.
ثم اقتفى معاوية فعله، وطلب أثره، فانتظم له أمره، وطالت له مدته.
وكذا كان زياد ابن أبيه يحتذي فعل معاوية، كاحتذاء معاوية فعل عمر.
وفيما يحكى عنه أن رجلاً كلمه في حاجةٍ له، فتعرف إليه، وهو يظن أنه، لا يعرفه، فقال: أصلح الله الأمير! أنا فلان بن فلان.
فتبسم زياد وقال: تتعرف إلي، وأنا أعرف منك بأبيك؟ والله إني لأعرفك وأعرف أباك وجدك وأمك وجدتك، وأعرف هذا البرد الذي عليك، وهو لفلان بن فلان.
فبهت الرجل وأرعب حتى أرعد، وكاد يغشى عليه.
وعلى هذا كان عبد الملك بن مروان، والحجاج بن يوسف.
ثم لم يكن بعد هؤلاء أحد في مثل هذه السياسة حتى ملك المنصور. فكان أكثر الأمور عنده معرفة أحوال الناس، حتى عرف الولي من العدو، والمداجي من المسالم. فساس الرعية ولبسها، وهو من معرفتها على مثل وضح النهار.
ثم درست هذه السياسة حتى ملك الرشيد، فكان أشد الملوك بحثاً عن أسرار رعيته، وأكثرهم بها عنايةً، وأحزمهم فيها أمراً.
وعلى نحو هذا كان المأمون أيامه. والدليل على ما قلنا فيه ما شاهدنا من رسالته إلى اسحق بن إبراهيم في الفقهاء وأصحاب الحديث، وهو بالشأم. خبر فيها عن عيب واحدٍ واحدٍ، وعن حالته وأموره التي خفيت، أو أكثرها، عن القريب والبعيد.
ثم ما علمت أن أحداً ممن كان دون السلطان الأعظم في دهرنا هذا كان أشد على الأسرار بحثاً وأكثر لها فحصاً، حتى بلغ من هذا الجنس أقصى حده، وآخر نهايته، وأبعد مداه، وجعله أكثر شغله في ليله ونهاره، إلا اسحق بن إبراهيم.
فحدثني موسى بن صالح بن شيخ، قال: كلمته في امرأةٍ من بعض أهلنا، وسألته النظر لها، فقال: يا أبا محمد! من قصة هذه المرأة ومن حالها ومن فعلها.
قال: فوالله! لم يزل يصفها ويصف أحوالها حتى بهت.
وحدث أبو البرق الشاعر، قال: كان يجري علي أرزاقاً، فدخلت عليه، فقال بعد أن أنشدته: كم عيالك؟ تحتاج في كل شهرٍ من الدقيق إلى كذا ومن الحطب إلى كذا.







رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:37 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


فأخبرني بشيءٍ من أمر منزلي مما جهلت بعضه، وعلمه كله.
وحدثني بعض من كان في ناحيتة، قال: رفعت إليه رقعةً أسأله فيها إجراء أرزاقي.
فقال: كم عيالك؟ فزدت في العدد. فقال: كذبت! فبهت، وقلت في نفسي: يا نفس، من أين علم أني كذبت؟ فأقمت سنةً، لا أجتري على كلامه. ثم رفعت إليه رقعةً أخرى في إجراء أرزاقي. فقال: كم عيالك؟ فقلت: أربعة.
فقال: صدقت فوقع في حاشية رقعتي: يجرى على عياله كذا وكذا.
ولولا أن يطول كتابنا في إسحاق وذكره، لحكينا عنه أخباراً كثيرةً، وهي من هذا الجنس، وفيما ذكرناه كفاية.
فعلى الملك أن يميز بين أوليائه وأعدائه بالفحص عن أسرارهم ودقيق أخبارهم، حتى إن أمكنه أن يعرف مبيت أحدهم ومقيله، وما أحدث فيهما، فعل.
فإن الرعية لا تسكن قلوبها جلالة ملكها، ولو عبدته الجن والإنس ودانت له ملوك الأمم كلها، حتى يكون أشد إشرافاً عليها، وأكثر بحثاً عن سرائرها من أم الفريد عن حركته وسكونه.
خصال تطول بها مدة الملك: وأيضاً فإنه يقال في بعض كتب الأوائل في مواعظ الملوك وآدابها: إن الملك تطول مدته إذا كانت فيه أربع خصال: إحداهما: أنه لا يرضى لرعيته إلا ما يرضاه لنفسه، والأخرى: أن لا يسوف عملاً يخاف عاقبته، والأخرى: أن يجعل ولي عهده من ترضاه وتختاره رعاياه، لا من تهواه نفسه، والرابعة: أن يفحص عن أسرار الرعية، فحص المرضع عن منام رضيعها.
وقد تجد مصداق هذا القول ونشهد به. وذلك أنا لم نر مدةً طالت لملك عربي ولا عجمي قط إلا لمن فحص عن الأسرار، وبحث عن خفي الأخبار، حتى يكون في أمر رعيته على مثل وضح النهار.
الملوك أمام الأمور الجليلة
ومن أخلاق الملك، إذا دهمه أمر جليل من فتق ثغر، أو قتل صاحب جيشٍ، أو ظهور عدو يدعو إلى خلاف الملة، أو قوة مناويءٍ، أن يترك الساعات التي فيها لهوه، ويجعلها وسائر الساعات في تدبير مكايدة عدوه، وتجهيز جنوده وجيوشه، وأن يصرف في ذلك شغله وفكره وفراغه على مثل ما فعل من مضى من ملوك الأعاجم وغيرها، للتسويف والتمني وحسن الظن بالأيام نصيباً.
فإن هذا عجز من الملك، ووهن يدخل على الملك.
وكانت ملوك الأعاجم، إذا حزبها مثل هذا، أمرت بالموائد التي كانت توضع في كل يوم أن ترفع وظائفها، واقتصرت على مائدةٍ لطيفةٍ، ورأس الأساورة.
فلا يوضع عليها إلا الخبز والملح، والخل والبقل، فيأخذ منه شيئاً هو ومن معه، ثم يأتيه الخباز بالبرماورد في طبقٍ، فيأكل منه لقمةً؛ ثم يرفع المائدة، ويتشاغل بتدبير حربه، وتجهيز عساكره. ولا تزال هذه حاله حتى يأتيه عن ذلك الفتق ما يرتقه، وعن ذلك العدو ما يحب. فإذا أتاه، أمر أن يتخذ له طعام مثل طعامه الأول، وأمر الخاصة والعامة بالحضور. وقامت الخطباء أولاً بالتهنئة له، والتحميد لله تعالى بالفتح عليه والنصر له. ثم قام الموبذ فتكلم، ثم الوزراء بنحوٍ من كلام الخطباء. ثم مد الناس أيديهم إلى الأطعمة على مراتبهم؛ فإذا فرغوا، بسط للعامة في ظهر الإيوان، وللخاصة في صحنه بحضرة الملك؛ وقعد صاحب الشرطة للعامة، كقعود الملك للخاصة. ثم دعا بالمغنين وأصحاب الملاهي.
وكانوا يقولون: إن حق شكر النعمة أن يرى أثرها.
وكانت الخلفاء والأمراء، إذا دهمهم أمر، فزعوا إلى المنابر، وحرضوا الناس على الطاعة، ولزوم الجماعة.
وفيما يذكر عن معاوية أنه قال: ما ذقت أيام صفين لحماً ولا شحماً ولا حلواً ولا حامضاً؛ ما كان إلا الخبز والجبن وخشن الملح، إلى أن تم لي ما أردته.
ويحكى عن عبد الملك بن مروان أن صاحب إفريقية أهدى إليه جاريةً تامة المحاسن، شهية المتأمل.
قال: فلما أن دخلت على عبد الملك بن مروان، نظر إليها، وفي يده قضيب خيزران. فصعد ببصره إليها وصوبه، ثم رمى بالقضيب، وقال: رديه علي.
فولت. فنظر إليها مقبلةً ومدبرةً، فقال: أنت والله أمنية المتمني.
قالت: فما يمنعك يا أمير المؤمنين، إذ كانت هذه صفتي عندك؟ قال: بيت الأخطل:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء، ولو باتت بأطهار
وكان هذا في خروج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. ثم أمر بها أن تصان وتخدم. فلما فتح عليه، كانت أول جاريةٍ دعا بها.

(






رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:38 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


ويحكى عن مروان بن محمد الجعدي أنه أقام ثلاثين شهراً، لم يطأ جاريةً إلى أن قتل. وكان إذا استهدفت إليه الجارية، قال: إليك عني! فوالله لا دنوت من أنثى، ولا حللت لها عقد حبوتي، وخراسان ترجف بنصر، وأبو مجرمٍ قد أخذ منه بالمخنق.
الحرب خدعة
ومن أخلاق الملوك المكايدة في حروبها.
ولذلك كان يقال: ينبغي للملك السعيد أن يجعل المحاربة آخر حيله، فإن النفقة في كل شيء إنما هي من الأموال، والنفقة في الحروب إنما هي من الأنفس. فإن كان للحيل محمود عاقبةٍ، فذلك بسعادة الملك، إذا ربح ماله، وحقن دماء جيوشه. وإن أعيت الحيل والمكايد، كانت المحاربة من وراء ذلك.
فاسعد الملوك من غلب عدوه بالحيلة والمكر والخديعة.
وقد روينا عن نبينا، صلى الله عليه وسلم، ما يحقق هذا، ويؤكده بقوله: الحرب خدعة.
وليس لأحدٍ من الخدع ما لملوك الأعاجم. والأخبار في ذلك عنهم كثيرة. ولكنا نقتصر من ذلك على حديثٍ أو حديثين.
فمن ذلك ما يذكر عن بهرام جور أنه لما ملك بعد أبيه يزدجرد، بلغه أن ناحية من نواحي أطرافه قد أخذت، وغلب عليها العدو. فاستخف بها وأظهر الاستهانة به، حتى قوي أمر ذلك العدو واشتدت شوكته. فكان إذا أخبر بحاله، استخف بأمره، وصغر من شأنه. حتى قيل إنه قد زحف إليك، ووجه جيوشه إلى قرار دارك. فقال: دعوه فليس أمره بشيء.
فلما رأى وزراؤه تهاونه وتراخيه عن أمر عدوه، واستهانته به، اجتمعوا إليه، فقالوا: إن تراخي الملك عن عدوه ليس من سياسة الملك، ولا تدبير المملكة، وقد قرب هذا العدو من قرار دار الملك، وأمره كل يوم في علو.
فقال بهرام: دعوه، فأنا أعلم بضعفه وصغر شأنه منكم.
وأقبل على اللهو واللعب، وترك ما يجب عليه من الصمد لعدوه والقصد له.
فلما دنا عدوه منه، وأشرف عليه، وخاف الوزراء ورؤساء أهل المملكة اجتياحه، اجتمعوا فتآمروا بينهم على توبيخ الملك وتعنيفه وإعلامه ما قد أشرفوا عليه من البوار والهلكة.
وبلغه الخبر، فأمر مائتي جاريةٍ من جواريه، فلبسن الثياب المصبغة المختلفة الألوان، ووضعن على رؤوسهن أكاليل الريحان، وركبن القصب.
وفعل بهرام كما فعلن، فلبس من ثيابهن المصبوغة، وركب قصبةً، وأذن للوزراء فدخلوا عليه. فلما رآهم، صاح بالجواري، فمررن يخطرن، وبهرام خلفهن يغني، وهن يغنين معه، ويصحن ويلعبن.
فلما رأى ذلك وزراؤه، يئسوا منه واجتمعوا على خلعه.
وبلغه الخبر، فدعا جاريةً من خاص جواريه، وقال: لك الويل إن علم أحد من أهل المملكة ما أريد أن أفعل! ثم أمرها أن تحلق رأسه فحلقته. ودعا بمدرعة صوفٍ فتدرعها، وخرج في جوف الليل ومعه قوسه ونشابه.
وتقدم إلى الجارية أن تخفي أمره، وتظهر أنه عليل إلى رجوعه إليها.
ومضى وحده، حتى انتهى إلى طلائع العدو. فكمن في مغارٍ على ظهر الطريق. فجعل لا يمر به طائر في السماء، ولا وحش في البر، إلا وضع سهمه منه حيث أحب.
وجعل يجمع كل ما صاد من ذلك، فجمعه بين يديه حتى صار كالشيء العظيم.
قال: فمر به صاحب طليعة العدو، فنظر إلى أمرٍ بهت له. فأخذه وقال: ويلك! ما أنت، ومن أنت، ومن أين أنت؟ قال: إن أعطيتني الأمان، أخبرتك! قال: فلك الأمان! قال: أنا غلام سائس، وإن مولاي غضب علي - وكان لي محسناً - فأوجعني ضرباً، ونزع ثيابي، وحلق رأسي، وألبسني هذه المدرعة، وأجاعني. وإني طلبت غفلته، فخرجت أطلب شيئاً أصيده فآكله. فما أعجبني كثرة ما صدت، اردت أن أرمي بكل ما معي من هذه السهام، ثم أنصرف.
فأخذه، فحمله إلى الملك، فأخبره بقصته. فقال له الملك: إرم بين يدي! فرمى بين يديه، فكان لا يضع سهمه في طائرٍ ولا غيره إلا أصابه حيث أراد. فبهت الملك، وطال تعجبه. فقال: ويلك! في هذه المملكة من يرمي رمايتك؟ فضحك بهرام، وقال: أيها الملك! أنا أخسهم رمايةً، وأحقرهم قدراً. وعندي جنس آخر من الثقافة.
قال: وما هو؟ قال: ادع لي بإبرٍ.
فدعا له بها. فأخذ إبرةً، فرمى بها على عشرة أذرعٍ، ثم أتبعها بأخرى فشكلها، ثم اتبعها بأخرى فشكلها كذلك، حتى جعلها سلسلةً قد تعلق بعضها ببعض.
فبهت الملك، وملي قلبه رعباً، فقال له: ويلك! ملككم هذا جاهل! أما يعلم أني قد قربت من قرار داره! فضحك بهرام، وقال: إن أعطاني الملك الأمان نصحته. قال: قد أعطيتك الأمان.







رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:38 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


قال: إن ملكنا إنما تركك استهانةً بأمرك، وتصغيراً لشأنك، وعلماً بأنك لا تخرج من قبضته. وذلك أني أخس من في دار مملكته، وأخملهم ذكراً. فإذا كنت، وأنا بهذه الحال، أقتل بألفٍ سهمٍ ألف رجلٍ، فما ظنك بالملك، وله مائة ألف عبدٍ في قرار داره، أصغرهم شأناً أكبر مني؟ فقال له الملك: صدقني فيما قلت! ولقد خبرت عن بهرام من تصغيره لشأني، واستخفافه بأمري ما طابق خبرك. وما تركني أبلغ هذا الموضع من ملكه إلا لما ذكرت؟ فأمر عظيم جيشه أن يرتحل من ساعته؛ ونادى في الناس بالرحيل. ثم خرج لا يلوي على شيء، وأطلق بهرام. فانصرف بعد ثالثةٍ، حتى دخل داره ليلاً؛ فلما أصبح، قعد للناس، ودخل عليه الوزراء والعظماء، فقال: ما عندكم من خبر عدونا هذا؟ فأخبروه بانصرافه عنهم. فقال: قد كنت أقول لكم إنه صغير الشأن، ضعيف المنة.
ولم يعلم أحد منهم ما كانت العلة في انصرافه.
مكايد كسرى أبرويز: وكان كسرى أبرويز، بعد بهرام جور، صاحب مكايدٍ وخدع في الحروب، ونكاية في العدو.
وكان قد وجه شهر براز لمحاربة ملك الروم، وكان مقدماً عنده في الرأي والنجدة والبسالة ويمن النقيبة.
فكان شهر براز قد ضيق على ملك الروم قرار داره، وأخذ بمخنقه، حتى هم بمهادنته، ومل محاربته، وطلب الكف عنه. فأبى ذلك عليه شهر براز.
واستعد له ملك الروم بأفضل عدة، وأتم آلة، وأحد شوكة، وتأهب للقائه في البحر.
فجاءه في جمع لا تحصى عدته. قد أعد في البحر كل ما يحتاج إليه من مالٍ وسلاحٍ وكراعٍ وآلةٍ وطعام وغير ذلك، والسفن مشحونة موقرة.
فبينا هو كذلك إذ عصفت ريح في تلك الليالي، فقلعت أوتاد تلك السفن كلها وحملتها إلى جانب شهر براز، فصارت في ملكه.
وأصبح ملك الروم، قد ذهب أكثر ما كان يملك من الأموال والخزائن والعدد والسلاح. فوجه شهر براز بتلك الخزائن والأموال إلى أبرويز. فلما رأى أبرويز ما وجه به شهر براز، كبر في عينه، وعظم في قلبه، وقال: ما نفس أحق بطيب الثناء، ورفيع الدعاء، والشكر على الفعل الظاهر من شهر براز! جادلنا بما لا تسخو به النفوس، ولا تطيب به القلوب! فجمع وزراءه، وأمر بتلك الأموال والخزائن، فوضعت نصب عينيه، ثم قال لوزرائه: هل تعلمون أحداً أعظم خطراً وأمانةً، وأحرى بالشكر من شهر براز؟ فقامت الوزراء، فتكلم كل واحدٍ منهم، بعد أن حمد الله وشكره ومجده، وأثنى على الملك وهنأه، ثم ذكر ما خص الله به الملك من يمن نقيبة شهر براز وعفافه وطهارته ونبله وعظيم عنايته.
حتى إذا فرغوا، أمر بإحصاء تلك الأموال والخزائن. ثم قام أبرويز فدخل إلى نسائه. وكان للملك غلام يقال له رسته، وكان شيء الرأي في شهر براز؛ فقال: أيها الملك! قد ملأ قلبك قليل من كثيرٍ، وصغير من كبير، وتافه من عظيم، خانك فيه شهر براز، وآثر به نفسه. ولئن كان الملك مع رأيه الثاقب، وحزمه الكامل، يظن أن شهر براز أدى الأمانة، لقد بعد ظنه من الحق، وخس نصيبه.
فوقع في نفس أبرويز ما قال رسته، فقال له: ما أظنك إلا صادقاً. فما الرأي عندك؟ قال: تكتب غليه بالقدوم، وتوهمه أن بك حاجةً إلى مناظرته ومشاورته في لم أمرٍ لم تجز الكتابة به، فإنه إذا قدم لم يخلف ما يملك وراءه، إذ كان لا يدري أيرجع إلى ما هناك أم لا؛ فيكون كل ما يقدم به نصب عينيك.
فكتب أبرويز إلى شهر براز يأمره بالقدوم عليه لمناظرته ومشاورته في أمرٍ يدق عن الكتاب والمراسلة.
فلما مضى الرسول، أردفه برسولٍ آخر وكتب إليه: إني كنت كتبت إليك آمرك بالقدوم لناظرك في مهم من أمري. ثم علمت أن مقامك هناك أقدح في عدوك، وأنكى له، وأصلح للملك، وأوفر على المملكة. فأقم، وكن من عدوك، على حذر، ومن غرته على تيقظ. فإنه من ذهب ماله، حمل نفسه على التلف أو الحتف. والسلام! وقال للرسول الثاني: إن قدمت فرأيته قد تأهب للخروج إلي وظهر ذلك في عسكره، فادفع إليه هذا الكتاب.. وكتب: أما بعد، فإني كتبت إليك، وقد استبطأت جواب قدومك وحركتك. وعلمت أن ذلك لأمرٍ تصلحه من أمر نفسك أو مكيدة عدوك. فإذا أتاك كتابي هذا، فخلف أخاك على عملك، وأغذ السير، ولا تعرج على مهم ولا غيره، إن شاء الله.







رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:39 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


وإن لم تره استعد للخروج، ولا تأهب له، فادفع إليه الكتاب الأول. فقدم الرسول الثاني، وليس لشهر براز في الخروج وعزم ولا خاطر، ولا هم به. فدفع إليه الكتاب الأول.
فقال شهر براز: أول كل قتلةٍ حيلة.
وكان خليفة شهر براز: بباب الملك قد كتب إليه ما كان من قول رسته للملك، وما كان من جواب الملك له.
ثم نازعت أبرويز نفسه، ودعاه شرهه إلى إعادة الكتاب إلى شهر براز بالقدوم عليه.
فلما قرأ شهر براز كتابه الثالث، قال: كان الأمر قبل اليوم باطناً، فأما اليوم فقد ظهر.
فلما علم أبرويز أن نية شهر براز قد فسدت، وأنه لا يقدم عليه، كتب إلى أخي شهر براز: إني قد وليتك أمر ذلك الجيش، ومحاربة ملك الروم. فإن سلم لك شهر براز ما وليتك، وإلا فحاربه! فلما أتاه كتابه، أظهره، وبعث إلى شهر براز يخبره أن الملك قد ولاه موضعه، وأمره بمحاربته إن أبى أن يسلم إليه ما ولاه.
فقال له شهر براز: أنا أعلم بأبرويز منك. هو صاحب حيلٍ ومكايد، وقد فسدت بيته لي ولك. فإن قتلني اليوم قتلك غداً؛ وإن قتلك اليوم، كان قتلي غداً أقوى.
ثم إن شهر براز صالح ملك الروم، لما خاف أبرويز. وتوثق كل واحدٍ منهما من صاحبه، واجتمعا على محاربة أبرويز. فقال له شهر براز: دعني أتولى محاربته، فإني أبصر بمكايده وعوراته.
فأبى عليه ملك الروم، وقال: بل أقم في دار مملكتي حتى أتولى أنا محاربته بنفسي.
فقال شهر براز: أما إذ أبيت علي، فإني مصور لك صورةً، فاعمل بما فيها، وامتثلها.
ثم صور له كل منزلٍ ينزله بينه وبين أبرويز في طريقه كله، وأي المنازل ينبغي له أن يقيم فيه، وأيها يجعلها طريقاً وسيراً ماضياً، حتى إذا أقامه من طريقه كله على مثل وضح النهار، قال له: فإذا صرت بالنهروان، فأقم دونه، ولا تقطعه غليه، واجعله منزلك، وجهز جيوشك وعساكرك إليه.
فمضى ملك الروم نحوه.
وبلغ أبرويز الخبر، فضاق به ذرعه، وارتج عليه أمره، فكان أكثر جنوده قد تفرقوا لطلب المعاش، لقطعه عنهم ما كان يجب لهم من إقطاعاتهم وأرزاقهم. فبقي في جندٍ كالميت، أكثرهم هزلى أضراء.
وكان ملك الروم يعمل على ما صوره له شهر براز في طريقه كله، حتى إذا أشرف على النهروان، عسكر هناك، واستعد للقاء أبرويز. وقد بلغه قلة جموعه، وتفرق جنوده، وسوء حال من بقي معه. وكان في أربعمائة ألفٍ، قد ضاقت بهم الفجاج والمسالك، فطمع في قتل أبرويز ولم يشك في الظفر به.
فدعا أبرويز رجلاً من النصارى، كان جده قد أنعم على جد النصراني واستنقذه من القتل أيام قتل ماني وكان من أصحابه الذين استجابوا له، فقال له أبرويز: قد علمت ما تقدم من أيادينا عندكم، أهل البيت قديماً وحديثاً.
قال: أجل أيها الملك! وإني لشاكر ذلك لك ولآباءك.
قال: فخذ هذه العصا، وامض بها إلى شهربراز، فأته في قرار ملك الروم، فادفعها إليه من يدك إلى يده.
وعمد إلى عصاً مثقوبةٍ، فأدخل فيها كتاباً صغيراً منه إلى شهر براز: أما بعد، فإني كتبت إليك كتابي هذا واستودعته العصا. فإذا جاءك فحرق دار مملكة الروم، واقتل المقاتلة، واسب الذرية، وانهب الأموال، ولا تتركن عيناً تطرف، ولا أذناً تسمع، ولا قلباً يعي، إلا كان لك فيه حكم. واعلم أني واثب بملك الروم يوم كذا وكذا. فليكن هذا وقتك الذي تعمل فيه ما أمرتك.
قال: وأمر للنصراني بمالٍ، وجهزه، وقال: لا تعرجن على شيءٍ، ولا تقيمن يوماً واحداً. وإياك ثم إياك أن تدفع العصا إلا إلى شهر براز، من يدك إلى يده! ثم ودعه، ومضى النصراني. فلما عبر النهروان، اتفق أن كان عبوره مع وقت ضرب النواقيس. فسمع قرع عشرة آلاف ناقوسٍ أو أكثر. فانهملت عيناه، وقال: بئس الرجل أنا إن أعنت على دين النصرانية، وأطعت أمر هذا الجبار الظالم! فأتى باب ملك الروم، فاستأذن عليه، فأذن لله، فأخبره بقصة أبرويز حرفاً حرفاً، ثم دفع إليه العصا، فأخذها ونظر فيها. ثم استخرج الكتاب منها، فقريء عليه، فنخر وقال: خدعني شهر براز! ولئن وقعت عيني عليه، لأقتلنه! وأمر، فقوضت أبنيته من ساعته؛ ونادى في الناس بالرحيل، وخرج ما يلوي على أحدٍ.
ووجه أبرويز عيناً له يجيئه بخبره؛ فانصرف إليه، فأخبره أن الملك قد مضى ما يلتفت لفتةً، فضحك أبرويز وقال: إن كلمةً واحدةً هزمت أربعمائة ألفٍ لجليل قدرها، ورفيع ذكرها!

(






رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:41 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


كتاب الامل والمأمول :




قصة الكتاب :
كتاب لا يُقطع بصحة نسبته إلى الجاحظ، وليس في مواده ولا أسلوبه ما يدل على أنه من صنعته، على أن للجاحظ كتاباً يحمل ذات العنوان، وقد رجح محقق الكتاب رمضان ششن أن يكون من تأليف الثعالبي المتوفى سنة 428هـ أو رجل من أهل القرن الرابع. ويضم مجموعة نصائح وجهها المؤلف للكتّاب والأدباء فيما تجب عليهم مراعاته من القواعد والآداب حين يلتمسون المعونة من الناس، وكيف تكون أخلاق الآمل أي السائل وكيف ينبغي أن تكون أخلاق المأمول، وجعل محور حديثه فيها على مسألة الناس وما يمت إليها من نوادر الأخبار والأقوال والأشعار. طبع الكتاب لأول مرة عام 1972 بتحقيق رمضان ششن معتمداً النسخة المخطوطة الفريدة للكتاب، والتي تحتفظ بها مكتبة ولي الدين باستنبول، وقد كتبت سنة 670هـ وانظر في (مجلة مجمع اللغة الأردني: 8: 25و 26 ص221) و(س7 ع23 ص137) بحوثاً حول نسبة (الآمل والمأمول ) للثعالبي والجاحظ.







رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:43 PM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


كتاب البيان والتبيين



كتاب البيان والتبيين من أعظم مؤلفات الجاحظ، وهو يلي كتاب الحيوان من حيث الحجم ويربو على سائر كتبه. وإذا كان كتاب الحيوان يعالج موضوعاً علمياً فإن كتاب البيان والتبيين ينصب على معالجة موضوع أدبي. ولكن الجاحظ في هذين الكتابين، شأنه في جميع كتبه، ينحو منحى فلسفياً. فهو لا يقتصر في كتاب الحيوان على أخبار الحيوانات وخصالها وطباعها، بل يتطرق إلى موضوعات فلسفية كالكمون والتولد، والجواهر والأعراض، والجزء الذي لا يتجزأ، والمجوسية والدهرية الخ. وفي كتاب البيان والتبيين لا يكتفي بعرض منتخبات أدبية من خطب ورسائل وأحاديث وأشعار، بل يحاول وضع أسس علم البيان وفلسفة اللغة.
ويعني الجاحظ بالبيان الدلالة على المعنى، وبالتبيين الإيضاح، وقد عرف الكتاب خير تعريف بقوله الوارد في مطلع الجزء الثالث: "هذا أبقاك الله الجزء الثالث من القول في البيان والتبيين، وما شابه ذلك من غرر الأحاديث، وشاكله من عيون الخطب، ومن الفقر المستحسنة، والنتف المستخرجة، والمقطعات المتخيرة، وبعض ما يجوز في ذلك من أشعار المذاكرة والجوابات المنتخبة".







رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:43 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


بعض اقوال القدماء فيه
فيه يقول أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري في الصناعتين، عند الكلام على كتب البلاغة: ((وكان أكبرها واشهرها كتاب البيان والتبيين، لابي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ. وهولعمري كثير الفوائد، جم المنافع، لما اشتمل عليه من الفصول الشريفة، والفقر اللطيفة، والخطب الرائعة، والأخبار البارعة، وما حواه من أسماء الخطباء والبلغاء، وما نبه عليه من مقاديرهم في البلاغة والخطابة وغير ذلك من فنونه المختارة، ونعوته المستحسنة. إلا أن الابانة عن حدود البلاغة واقسام البيان والفصاحة، مبثوثة في تضاعيفه، ومتثرة في اثنائه، فهي ضالة بين الامثلة، لا توجد الا بالتأمل الطويل، والتصفح الكثير)).
و يقول ابن رشيق القيرواني (390هـ - 463هـ) في العمدة[ : ((و قد استفرغ أبو عثمان الجاحظ—وهو علامة وقته - الجهد، وصنع كتابا لا يبلغ جودة وفضلا، ثم ما ادعى احاطته بهذا الفن، لكثرته، وان كلام الناس لا يحيط به الا الله عز وجل)).
اما ابن خلدون المغربي (732هـ - 808هـ)فيسجل لنا رأي قدماء العلماء في هذا الكتاب، إذ يقول عند الكلام على علم الأدب: ((وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوين: وهي أدب الكاتبلابن قتيبة، وكتاب الكاملللمبرد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب الأماليلأبي علي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع عنها)).
و نلفي في كل جزء من أجزاء الكتاب الثلاثة بحثاً في البيان والتبيين، ومجموعات من الأحاديث والخطب والمقطعات والجوابات والأشعار. ولقد التزم الجاحظ هذا التصميم وقصد إليه قصداً ليجنب القارئ الملل أو السأم بتنويع الموضوعات. وقد عبر عن ذلك بقوله: "وجه التدبير في الكتاب إذا طال أن يداوي مؤلفه نشاط القارئ له، ويسوقه إلى حظه بالاحتيال له، فمن ذلك أن يخرجه من شيء إلى شيء، ومن باب إلى باب، بعد أن لا يخرجه من ذلك الفن، ومن جمهور ذلك العلم".
بهذا برر الجاحظ طرقه الموضوعات ذاتها في كل جزء من أجزاء الكتاب. فموضوع علم البيان وفلسفة اللغة توزع على الأجزاء الثلاثة: في الجزء الأول تحدث عن مفهوم البيان وأنواعه، وآفات اللسان، والبلاغة والفصاحة. وفي الجزء الثاني تحدث عن الخطابة وطبقات الشعراء* وفي الجزء الثالث تكلم على أصل اللغة وقيمة الشعر. وفي كل جزء من الأجزاء الثلاثة أورد أبو عثمان منتخبات من كلام الأنبياء، خطباً ومقطعات وأحاديث ورسائل وأشعاراً، نسبها إلى مختلف طبقات الناس: عقلاء وحمقى، نساك ومتهتكين، أعراب ومتحضرين، رؤساء وسوقة.







رد مع اقتباس
قديم 01-08-2012, 09:46 PM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
اسماعيل السلاق
عضو ماسي
إحصائية العضو






 

اسماعيل السلاق غير متواجد حالياً

 


افتراضي


بعض ماورد في الكتاب
35ـ الخروج مما بُني عليه أول الكلام إِسهاب.
44ـ وأجرأ من رأيت بظهر عيب.......على عيب الرجال ذوو العيوب
58ـ القلم أحد اللسانين، والقلم أبقى أثراً، واللسان أكثر هذراً.
66ـ إذا كان الحب يعمي عن المساوي فالبغض يعمي عن المحاسن.
74ـ حدِّث الناس ما حرجوك بأبصارهم وأذنوا لك بأسماعهم، فإن رأيت منهم فترة فأمسك.
81ـ كان السلف يخافون من فتنة القول أكثر مما يخافون من فتنة السكوت.
85ـ كانوا يمدحون جهور الصوت، ومدحوا سعة الفم.
94ـ قيل لعبد الملك بن مروان : عجل لك الشيب فقال : وكيف لا يعجل علي، وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة مرة أو مرتين.
110ـ مذاكرة الرجال تلقيح لألبابها.
119ـ قال الحسن : لسان العاقل وراء قلبه فإذا أراد الكلام تفكر، فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت.
131ـ دع الاعتذار، فإنه يخالطه الكذب.
ـ يهلك الناس في فضول الكلام وفضول المال.
141ـ يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.
144ـ إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.
164ـ كان عمر بن الخطاب لا يعرض له أمراً إلا أنشد فيه شعراً.
173ـ عليك بأوساط الأمور فإنها.....نجاة ولا تركب ذلولاً ولا صعبا
183ـ السكوت عن قول الحق هو في معنى النطق بالباطل.
200ـ قال عمر : استغزروا الدموع بالتذكر.
38ـ خطب أحدهم.. ثم قال أحد السامعين هذا خطيب العرب، لو كان في خطبته شيء من القران.
40ـ طبقات الشعراء : شاعر، شويعر، شعرور.
58ـ نشاط القائل على قدر فهم السامع.
59ـ سوء الاستماع نفاق.
ـ التثبت نصف العفو.
80ـ إنما الناس أحاديث فإن استطعت أن تكون أحسنهم حديثاً فافعل.
81ـ من لم يصبر على كلمة سمع كلمات.
84ـ اصحب من يتناسى معرف لديك ويتذكر إحسانك إليه، وحقوقك عليه.
89ـ لكل داخل دهشته فآنسوه بالتحية.
92ـ ما قرأتُ كتاب رجل قط إلا عرفت فيه عقله.
93ـ قال حذيفة : كن في الفتنة كابن لبون لا ظهر فيركب ولا لبن فيُحلب.
96ـ ثلاثة أشياء تدل على عقل صاحبها : الكتاب، الرسول، الهدية.
100ـ قيل لبعض العلماء : أي الأمور أمتع ؟ قال : مجالسة الحكماء، ومذاكرة العلماء.
167ـ لا تسم غلامك إلا باسم يخف على لسانك.
171ـ قال عمر : تعلموا اللحن كما تعلمون السنن والفرائض.
173ـ قيل لأعرابي : ألقي عليك بيتاً قال : على نفسك فألقه.
213ـ كن إلى الاستماع أسرع منك إلى القول.
ـ العلم مثل السراج من مر به اقتبس منه.
5ـ قال عمر : من خير صناعات العرب الأبيات يقدمها الرجل بين يدي حاجته، يستنزل بها الكريم، ويستعطف بها اللئيم.
9ـ قيل لعمر : فلان لا يعرف الشر، قال : ذلك أجدر أن يقع فيه.
26ـ قال أيوب : في أصحابي من أرجو دعوته ولا أقبل شهادته.
27ـ وإن سيادة الأقوام فاعلم لها صعداء مطلعها طويل
71ـ قال أحد العلماء : اقصد من أصناف العلم إلى ما هو أشهى إلى نفسك وأخف على قلبك فإن نفاذك فيه على حسب شهوتك له، وسهولته عليك.
117ـ سئل عمر بن عبد العزيز عن قتلة عثمان، فقال : تلك دماء كف الله يدي عنها، فأنا لا أحب أن أغمس لساني فيها.
163ـ قال ابن واسع : الإبقاء على العمل أشد من العمل.
165ـ رأيت صلاح المرء يصلح أهله..........ويعديهم داء الفساد إذا فسد
يُعظم في الدنيا بفضل صلاحه.......ويحفظ بعد الموت في الأهل والولد
تصحيح عنوان الكتاب

وُجّه سؤال لفضيلة العلامة المحقق عبد السلام هارون: (سمعتكم تقولون... «البيان والتبَيُّن»، وقد كان المتداول في اسم الكتاب هو «البيان والتبيين» ما تفسيركم لذلك ؟
هذه ملاحظة وجيهة بلا ريب، وأنا معك في أنّ المعروف المتداول في اسم الكتاب هو «البيان والتبيين» – بياءين – ولكن طبيعة الأمور ترى أنّ هذه التسمية لا تتمشى مع المنطق، فإنّ البيان هو التبيين بعينه، ونحن نربأ بالجاحظ أن يقع في مثل هذا العيب في تسمية أشهر كتبه وأسيرها. والدارس لهذا الكتاب يرى أنه ذو شقين متداخلين:
الشق الأول: هو ما اختاره الجاحظ من النصوص والأخبار والأحاديث والخطب والوصايا، وكلام الأعراب والزهّاد ونحو ذلك، وهو يعنيه الجاحظ بكلمة «البيان».
والشق الثاني: هو النقد الأدبي في صورته المبكرة، فللجاحظ في هذا الكتاب نظرات فاحصة في نصوصه، وفي الكلام بصفة عامة، تسمى بعد ذلك بفن «النقد»، فهذه النظرات والقواعد التي ساقها الجاحظ هو ما عناه بكلمة «التبيُّن».
هذا من ناحية، وهناك ناحية أخرى تاريخية وثائقية فإنّ النسخ العتيقة من هذا الكتاب – وقد أثبتُّ صورتها في تقديمي للكتاب – تقطع بأنّ عنوانه هو «البيان والتبيُّن» وهذا ما يجده القاريء بوضوح في مصورة مخطوطة كوبريلي المحفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم (4370 أدب)، وتاريخ كتابتها هو سنة 684، وكذلك نقرأ هذا العنوان بوضوح في مصورة مخطوطة مكتبة فيض الله، وهي في معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية تحت رقم (887) وهناك بحمد الله صورة منها، وهذه النسخة مكتوبة بخط أبي عمرو محمد بن يوسف بن حجاج اللخمي. وقد قرأها على الإمام أبي ذر ابن محمد بن مسعود الخشني في سنة 587 هج، وكتب هذا الناسخ أنه وجد في آخر السِّفرالذي نسخ منه الثلث الثالث من هذا الكتاب ما نصه:
«كتب هذا السفر، وهو مشتمل على كتاب البيان والتبيُّن نسخة أبي جعفر البغدادي، وهي النسخة الكاملة، فتم بعون الله وتأييده في غرة ربيع الآخر من سنة سبع وأربعين وثلثمئة». أي بعد وفاة الجاحظ بمدة لا تزيد على 92 سنة.







رد مع اقتباس
إضافة رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:32 AM بتوقيت عمان

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.6 By L I V R Z ]
mess by mess ©2009