لا يمكن حظر الرباط في الأقصى
أواخر عام 2015 حظرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ما أسمته تنظيم “المرابطين والمرابطات”، في خطوة ظنت أنها ستنجح من خلالها في تفريغ المسجد الأقصى، ومنع ارتياده يوميا للصلاة والمشاركة في دروس العلم، وكذلك التصدي لاقتحامات المستوطنين، وذلك تزامنا مع إبعادات عن الأقصى بقرارات مكتوبة أو منع دون أي بلاغ.
لكن ما لم تلتفت له سلطات الاحتلال كما يقول رواد حلقات العلم بالأقصى من النساء والرجال؛ أن ترددهم على المسجد وحاجة روحانية بداخلهم، لا يمكن إلغاؤها أو قتلها، وهو ما يؤكده مختصون، مشددين على أن حظر الرباط في الأقصى أمر غير وارد لأسباب دينية ووطنية وكذلك قانونية.
فيقول مفتي فلسطين والديار المقدسة محمد حسين، أن الرباط والاعتكاف والثبات في بيوت الله جميعا كلها كلمات مترادفة تحمل نفس المعنى، وتحمل أيضا قيمة دينية خاصة تستمدها من أهمية بيوت الله، موضحا أن مايزيد من إقبال الناس عليها ها بالأجر والثواب، وكونها شكلا من أشكال العبادات.
ويؤكد حسين، أن أي تدخل أو مساس في الرباط والاعتكاف بالمساجد يعتبر اعتداء على حق العبادة مباشرة، ومن هنا فإن حظر الرباط بالأقصى هو اعتداء سافر على حق المسلمين في العبادة، مشددا على عدم وجود أي مسوغ يمكن استخدامه لتبرير سلب الفلسطينيين هذا الحق.
ويضيف، أن قيمة الرباط في المسجد الأقصى تزيد بارتفاع مكانة المسجد الأقصى الدينية، وتعلو أيضا بازدياد العقبات التي يواجهها المقبلون على الرباط بالمسجد، مثل منعهم أو إبعادهم أو اعتقالهم أو الاعتداء عليهم.
ويحذر النائب المقدسي بالمجلس التشريعي خالد أبوعرفة من خطورة التسليم بحظر سلطات الاحتلال لحق المسلمين في الرباط بالأقصى، مضيفا أن الاحتلال يعمد منذ احتلاله القدس إلى استخدام سياسة فرض الأمر الواقع، وهو ما يظهر كذلك في حظر الرباط بالأقصى.
ويقول أبوعرفة، إن استمرار الحضور إلى الأقصى والتعبد فيه يعني إفشال الاعتقاد الإسرائيلي بأن تقادم هذه الانتهاكات قد يعني انتقال الحق لصالحهم، مضيفا، “الحق يبقى للفلسطينيين والمسلمين في هذا المسجد”.
ويؤكد أن التصدي لأداء الصلوات التلمودية داخل المسجد الأقصى في عيد الفصح اليهودي الأخير، رغم كل الاعتقالات والإبعادات التي نفذتها قوات الاحتلال قبيل حلول العيد، يعني أن ضعف المسلمين واستغلال الاحتلال لذلك لا يمكن أن يمنع الصمود في وجه الاحتلال، والتصدي لمخططاته، معتبرا أن الصراع في هذا الجانب “كر وفر” ولكن حظر الرباط في النهاية لن يكون ممكنا.
من جانبه، يوضح رامي صالح مدير مكتب القدس في مركز القدس للمساعدة القانونية، أن سلطات الاحتلال تخالف القوانين الإسرائيلية أولا بحظر الرباط، فالقانون ينص على حرية العبادة وممارسة شعائر كل دين بحرية، ما يجعل حظر الرباط في الأقصى انتهاكا صريحا للقانون الإسرائيلي ذاته.
علاوة على ذلك؛ فإن الاحتلال يخرق أيضا القوانين الدولية التي تعطي المسلمين حق الرباط في مسجدهم كما يشاؤون، وفقا لصالح، الذي أوضح أن هذا الحق يظهر بوضوح في كل الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص أنه يحق للمواطنين في المناطق المحتلة ممارسة شعائرهم الدينية.
ويشير صالح إلى أن الاحتلال التف على هذه القوانين بتشريع قانون ينص على أن المرابطين هم “تنظيم” محظور، واعتبر بذلك أنهم ليسوا مصلين، لينفذ بذلك ما أراد دون المساس بالقانون المحلي الذي يدعو لإعطاء كل شخص حق أداء شعائره الدينية.